ونحن نودع الدورة الثالثة لجائزة الدولة لأدب الطفل والتي كرم فيها الفائزين بهذه الجائزة ممن قدموا نتاجا ادبيا متميزا برز من بين عدد كبير من المشاركات من شتى اقطار وطننا العربي، ليسهموا في رفد المكتبة العربية بإصدارات مهمة في ميدان ادب الطفولة والذي يعاني من نقص كبير.

لا يخفى على حضراتكم إن للثقافة أثرا عظيما في تشكيل شخصية الفرد والمجتمع. وتزداد هذه الأهمية في قطاع الأطفال في المجتمعات كافة، حيث إنهم أحق قطاعات المجتمع بالتوجيه والرعاية . لذلك فإن دراسة ثقافتهم وتحديد ملامحها ورسم الخطط لتنمية هذه الثقافة تعد من الأمور الضرورية لكل مجتمع. لقد بات الاهتمام بثقافة الطفل العربي ضرورة قومية تفرضها ظروف العصر والتحدي الحضاري والفكري الذي يواجهه المجتمع العربي في الوقت الراهن.

ان أدب الأطفال من أهم روافد ثقافة الطفل العربي، وذلك لما يتمتع به من عناصر الجاذبية التي تشد انتباه الطفل، كما أنه يمثل الجزء الأكبر من المادة الثقافية التي تقدم للطفل العربي عن طريق الأجهزة والوسائل المتعددة. ولا نبالغ إذا قلنا أنه عصب وسائل إعلام الطفل. فالنصيب الأوفر من صحافة الأطفال لأدب الطفل بعامة وقصص الأطفال بخاصة، وكذلك كل ما تقدمه وسائل الإعلام الأخرى من إذاعة وتلفاز ومسرح يعتمد بشكل أو بأخر على النتاج الأدبي الذي كتب للأطفال. أي أن أدب الأطفال يشكل معظم المادة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية التي تقدم للطفل العربي. ولهذا فأن أي حديث عن ثقافة الطفل العربي لا يكتمل إلا بأدب الأطفال.

وأدب الأطفال لا يختلف في كثير من الخصائص والسمات الفنية عن أدب الكبار. غير أن اختلاف خصائص الأطفال عن الكبار جعلت لأدب الأطفال " قواعده ومناهجه سواء ما اتصل منها بلغته وتوافقها مع قاموس الطفل، ومع الحصيلة الأسلوبية للمرحلة السنية التي يكتب لها، أو ما اتصل بمضمونه ومناسبته لكل مرحلة من مراحل الطفولة، أو ما اتصل بقضايا الذوق وطرائق التكنيك.

إن الكتابة للأطفال ليست بالأمر الهين، وليس أدل على ذلك من أن نسبة كتـّاب الأطفال بالنسبة لكتـّاب الكبار ضئيلة. وبمراجعة ما تصدره المطابع من كتب ومجلات وصحف نجد أن ما يصدر للأطفال أقل بكثير مما يصدر للكبار، على الرغم من أن ثلث سكان العالم العربي تقريبا في مرحلة الطفولة. لذلك سعت لجنة الامناء وبفضل رعاية وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية الى طبع كل الاعمال الفائزة بجائزة الدولة لادب الطفل مساهمة منها في رفد المكتبة العربية.

لا نبالغ إذا قلنا أن أدب الأطفال يمثل ركناً رئيساً في بناء شخصيات الأطفال، ولا يمكن اكتمال الشخصية السوية للطفل في حالة غياب أدب الأطفال. وكلما ارتقينا بمستوى أدب الأطفال وأصبح في متناول الأطفال، اقتربنا من الطريق السليم نحو طفولة سوية. فأدب الأطفال يشكـّـل وجدان الطفل وينمي عواطفه، ويساعده على ضبط انفعالاته، ويسهم في نمو لغته وتشكيل قيمه وإمداده بالمعلومات، وتنمية مشاعر الولاء والانتماء لأمته ووطنه.

أن وزارة الثقافة والفنون والتراث القطرية وعلى راسها سعادة الوزير الدكتور حمد بن عبد العزيز الكواري ترعى بمنهجية هادفة الثقافة والمثقف والإبداع والمبدع؛ لأنها حريصة على أن تقدم النموذج الحضاري لدولة قطر. ولذلك تعمل حاليا على إقامة ورش تعليمية تدريبية تنمي مهارات الاطفال القطريين والعرب المتواجدين في دولة قطر كي نسهم في الكشف عن مواهبهم وقابلياتهم ونعمل على تطويرها.

أن الدوحة ستظل الملتقى الراقي للإبداع، وستواصل استقطاب النخب المثقفة من كل بلاد العرب، وإتاحة الفضاء الحر اللازم للحوار الثقافي الخلاق. اتوجه بالشكر للمبدعين الذين توجوا جهدهم بأرقى ثمار الانجاز وقدموا للطفولة عملا مبدعا يضاف الى حصيلة الاعوام السابقة التي تضمنت اضافات جديدة لأدب الطفل في اصدارات جميلة.